الاثنين، 11 أبريل 2016

اختراع واكتشاف

يحاول ماريو ليفيو الخروج من المذهبيْن الواقعي واللاواقعي فيقدّم مذهبه على النحو التالي: بعض الرياضيات اختراعات وبعضها الآخر اكتشافات. فمفاهيم الرياضيات يتم اختراعها أما النظريات الرياضية فيتم اكتشافها. مثل ذلك أن مسلّمات الهندسة الإقليدية هي اختراع أما نظرياتها فهي اكتشاف. فالإنسان يخترع المفاهيم الرياضية ويكتشف العلاقات بين تلك المفاهيم، وبذلك بعض الرياضيات اختراع وبعضها اكتشاف. وهذا يعني أن بعض الرياضيات يعتمد في وجوده على العقل وغير مستقل عنه، والبعض الآخر من الرياضيات مستقل في وجوده عن العقل. هكذا يجمع ليفيو بين المذهبيْن الواقعي واللاواقعي في محاولة تخطيهما. بالإضافة إلى ذلك، يجيب ليفيو عن سؤال «لماذا تنجح النظريات الرياضية في تفسير الكون؟». وإجابته هي: في ميدان العلوم يتم اختيار الأدوات 
الرياضية القادرة على التنبؤ بالمشاهدات والتجارب الواقعية في عالمنا الفيزيائي، لذا من الطبيعي أن تنجح الرياضيات في وصف الكون وتفسيره. بكلام آخر، يختار العلماء العمل على حلّ المشاكل التي من الممكن حلها رياضياً بنجاح بدلاً من اختيار المشاكل التي من غير الممكن النجاح في حلها رياضياً، ولذا من غير المستغرب أن تنجح النظريات الرياضية في تفسير الكون 

وأن تنجح النظريات العلميــة المُعبَّر عنها رياضياً في تفسير عالمنا الفيزيائـــي



لكن السؤال ذاته يعيد طرح نفسه: لماذا هذه المشاكل، وهي المشاكل الأهم والتي يختارها العلماء، من الممكن أن يتم حلها رياضياً؟ لنسلّم أن العلماء يختارون المشاكل التي من الممكن لهم النجاح في حلها رياضياً. لكن رغم ذلك يبقى السؤال: لماذا من الممكن حلّ تلك المشاكل رياضياً أي لماذا لم تكن كل المشاكل غير قابلة للحلّ رياضياً بدلاً من أن تكون منقسمة إلى مشاكل ذات حلول رياضية يختارها العلماء ومشاكل لا حلول رياضية لها ولا يختارها العلماء؟ هكذا لا ينجح موقف ليفيو في تفسير لماذا تلك المشاكل لها حلول رياضية بدلاً من أن تكون كل المشاكل بلا حلول رياضية. من جهة أخرى، قد تتمكن السوبر حداثة من الإجابة عن هذا التساؤل وذلك على النحو التالي: 
بالنسبة إلى السوبر حداثة، من غير المحدَّد ما هو الكون لكن رغم لامحددية الكون من الممكن معرفته لأن من خلال لامحدديته من الممكن تفسيره. على هذا الأساس، بما أن الكون غير محدَّد، إذن من الممكن أن نعبّر عنه بنجاح من خلال لغات عدة مختلفة كلغة الرياضيات ولغة الفيزياء ولغة البيولوجيا… إلخ، ولغتنا اليومية المتداولة بيننا. لذا من غير المستغرب أن تنجح الرياضيات كما الفيزياء ولغتنا اليومية في تفسير الكون ووصفه.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق